شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

إقـــالـــة أم نـــهايـــة

إقـــالـــة أم نـــهايـــة
فى مساء يوم الأحد الماضى ، خرجت علينا وسائل الإعلام المصرية بأخبارعاجلة تفيد بأن رئيس الوزراء أقال وزير العدل أحمد الزند على خلفية تصريحات - أدلى بها لأحد المحطات التلفزيونية – قال فيها "إنشالله يكون النبى.... المخطئ يتحبس "

فى مساء يوم الأحد الماضى ، خرجت علينا وسائل الإعلام المصرية بأخبارعاجلة تفيد بأن رئيس الوزراء أقال وزير العدل أحمد الزند على خلفية تصريحات – أدلى بها لأحد المحطات التلفزيونية – قال فيها “إنشالله يكون النبى…. المخطئ يتحبس ” فقد أثارت تلك التصريحات حفظية المصريين والمسلمين فى كل المكان، وتم تدشين حملات على مواقع التواصل الاجتماعى ضد الوزير وتصريحاته، والملفت أن بعض وسائل الإعلام المؤيدة للنظام قد شاركت فى تلك الحملات .

هناك أمرين لابد من إيضاحهما هما :أن الذى أقال الزند ليس رئيس الوزراء، فالكل يعلم بأن منصب رئيس الوزراء فى مصر ما هو إلا سكرتير لرئيس الدولة، ومن ثم فالسيسى هو من أصدر قرار الإقالة ، الأمر الثانى: جرى العرف فى السلطة التنفيذية على إجبار المسئول أيا كان منصبه على تقديم إستقالته، وقد حدث ذلك مع وزير الزراعة وزير العدل السابقين، ولكن صدور قرار الإقالة دليل على أن الزند رفض أن يستقيل واستشعر بأنه أقوى ممن طالبه بالإستقالة فتمت إقالته.

ليس هذا هو التصريح الأول المثير للجدل الذى يصدر من الزند، فقد سبقه عدة تصريحات كل منها كفيل بأن يكون سببا فى حبسه، بدءاً بقوله بأن القضاة هم الأسياد وغيرهم عبيد، مرواً باتهامه أوائل الحقوق بأنهم غوغائيين ، وأن تعيين أبناء القضاة سُنة ولن يستطيع أى حد فى مصر أن يوقف هذا الزحف المقدس، إنتهاءاً بأنه لا يكفيه قتل أربعمائة ألف من الإخوان ومناصريهم وأنه يفكر فى تشريع يعاقب والدى الإرهابيين .

ولم تكن تصريحاته مخالفة للدستور والقانون فحسسب بل كنت مستفزة لجموع الشعب فقد طالب بفرض ضربية على المواطنيين تقدر بعشرون جنيها تسمى ضربية الأمن وذلك لمساعدة الشرطة ، كما قال إن المواطن المصرى يكفيه جنيهان فقط لسد جميع احتياجاته اليومية من طعام وشراب ومواصلات ودواء .

كان الزند يدير وزارة العدل كأنها عزبة خاصة فقد سمعنا فى عهده عن بدلات لم نكن نعرفها من قبل فقد أصدر بدل شموخ وبدل مهام إضافية وذلك فى محاولة منه لاستمالة القضاة ، كما أصدر العديد من القرار بلا معنى ولا جدوى مثل منح الضبطية القضائية لوزارات عدة كالتعليم والأوقاوف وبعض النقابات كالمهندسين .

مخطئ من يعتقد بأن الزند تمت إقالته بسبب إساءته للنبى محمد -صلى الله عليه وسلم- ولو كان الأمر كذلك فإن على من أقاله أن يأمر بمحاكمته بتهمة ازدراء الأديان، فالبحيرى أخطأ فى البخارى وحوكم بنفس التهمة، وناعوت أخطأت فى شعيرة من شعائر الاسلام وحكم عليها بالحبس ،أما الزند فقد أخطأ فى حق النبى المعصوم فلابد من محاكمته، ونظرا لأن النظام اكتفى بإقالته ولم يقدمه للمحاكمة، فهذا يدل على أن السبب الرئيسى للإقالة ليس الإساءة إلى النبى.

الزند تم إخراجه للعمل العام عام 2009 لمواجهة تيار الاستقلال فى القضاء المصرى -الذى كان يتزعمه الأخوين مكى والبسطويسى والخضيرى وجنينه- قبل هذا التاريخ لم يكن أحد يعرف الزند إلا جماهير نادى طنطا لأنه كان يشغل منصب رئيس النادى قبل ترشحه لرئاسة نادى القضاة ، واستطاع الزند بمعاونة الدولة العميقة أن يكتسح انتخابات نادى القضاة، ومنذ ذلك الحين أصبح الزند أحد كوادر القضاة التى تعتمد عليهم الدولة العميقة ،واستمر الزند فى محاربة ومواجهة كل من يواجه الدولة العميقة خاصة بعد ثورة يناير وفوز مرسى برئاسة الجمهورية، وظلت الدولة العميقة تحميه وتدافع عنه إلى أن تم للدولة العميقة مرادها فى الثالث من يوليو ، وقتها لم يصبح الزند أحد كوارد القضاة بل أصبح رمزاً للقضاء وللقضاة وله القول الفصل فى كل ما يخص القضاة بدءاً من التدخل فى عمل المجلس الأعلى للقضاة مروراً باختيار النائب العام انتهاءاً بترشيح وزراء العدل.

هنا أدركت الدولة العميقة خطورة الزند فهو يتحكم بصورة مباشرة أو غير مباشرة فى نخبة من أقوى النخب فى الدولة ، فالقضاة هم سلطة مستقلة وأصبحوا يأتمرون بأمر الزند ،فكان لابد من وضع نهاية لهذا الرمز، فعرض عليه منصب وزير العدل أكثر من مرة بعد الثالث من يوليو ولكنه كان يرفض ، و بعد استقالة محفوظ صابر تم الضغط عليه من كل جهات السلك القضائى ليقبل منصب الوزير وكان قبول للوزارة هو بداية النهاية له .

وانتظرت الدولة العميقة قرابة عشر ة أشهر حتى أدلى الزند بتصريحا لا يختلف عليه اثنان بأنه تصريح مسئ ويجب معاقبته، عندها رأت الدولة العميقة بأن الفرصة سانحة لتحقيق مكسبين من إقالة الزند هما : إحتواء الرأى العام ونهاية الرمز الذى صنعته بيدها.
إن عودة الزند إلى العمل العام شبه مستحلية فهو على أعتاب السبعين من عمره ولم يتبقى له إلا ثلاثة أشهر ليصل إلى سن المعاش ، كما أنه لن يستطيع الترشح على منصب رئيس نادى القضاة لأنه خارج الخدمة ، ومن ثم فإن إقالة الزند كانت بمثابة شهادة وفاته فى الشأن العام.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023